كتبها هايدن بيركل في 16 مارس 2015 على ومضة
تعرّف رأفت أبو شعبان، أخصائيّ تطوير الأعمال من غزة، إلى التمويل الجماعيّ crowdfunding للمرّة الأولى عام 2011، عندما نصحه شخصٌ بالاطّلاع على موقعٍ إلكترونيٍّ يُدعى "كيكستارتر" Kickstarter. قام باستكشاف المنصّة فبان اهتمامه بها بسرعة.
"لقد تعجّبتُ، بل دُهِشتُ من كمّية مبالغ التمويل المقدّمة إلى مشاريع من مختلف أنحاء العالم. وجدتُ ذلك فريداً من نوعه وفكّرتُ في أنّه قد يكون مفيداً جدّاً، وبخاصّةٍ في الحالات التي لا يستطيع فيها الناس السفر ولقاء المستثمِرين على نطاقٍ واسعٍ بسهولة، كما هي الحال هنا في فلسطين وأجزاء أخرى من العالم العربي."
"كلّما زاد اهتمامي بالتمويل الجماعيّ، كلّما شهدتُ على تقدّمه. وعلى العموم، لم أعد أسمع من يقولون في أيّامنا هذه إنّهم حصلوا على التمويل من رأسمالٍ مخاطِر أو استثمارٍ شخصيٍّ داعم، بل يقولون إنّهم جمعوا 3 أو 4 أو 5 ملايين على موقع ‘كيكستارتر‘. هذا أكثر المواضيع رواجاً حالياً."
وسرعان ما طوّر أبو شعبان صفّ "التمويل الجماعيّ 101،" وعلّمه للطلّاب في خمس جامعات ومؤسَّسات في قطاع غزة، وبدأ بالعمل على ورقةٍ بحثيةٍ حلّلت بيئة التمويل الجماعيّ في المنطقة.
وفي ورقته البحثية بعنوان "التمويل الجماعيّ كدافعٍ للابداع في الشرق الأوسط: العقبات والإمكانيات (جدار الدفع paywall)"، Crowdfunding as a Catapult for Innovation in the Middle East: Obstacles and Possibilities، جمع أبو شعبان البيانات الكمّية والنوعية الخاصّة بـ255 حملةً أُطلِقَت من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من ثلاث منصّاتٍ تقدّم خدمات التمويل الجماعي للمنطقة: "إنديجوجو" Indiegogo، و"ذومال" Zoomaal، و"يوريكا" Eureeca. وعلى سبيل المقارنة، جمع البيانات عينها الخاصة بـ419 حملةً من "إندي جوجو" لبلدان من خارج المنطقة.
وقد تمّ اختيار هذه الورقة البحثية لتقديمها في مؤتمر التكنولوجيا الإنسانية العالميّ Global Humanitarian Technology Conference لعام 2014، في وادي السليكون في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ومع أنّ أبو شعبان لم يتمكّن من الحضور بسبب إغلاق الحدود بعد الصراع في غزة في الصيف الماضي، تمكّن من القيام بتسجيلٍ فيديو على موقع يوتيوب، حيث تمّ تقديم هذا العرض للجمهور وتفاعل الكاتب مع الحضور مباشرةً عبر "تويتر" Twitter.
وفيما يلي، تفصيلٌ لبعض النتائج الرئيسة من عيّنة الحملات التي تضمّنَتها الدراسة، والتي أُقيمَتْ جميعها بين مايو/أيّار 2010 ومايو/أيار 2014:
كانت "إندي جوجو" منصّة التمويل الجماعيّ الأكثر شعبيةً في المنطقة، وقد قامت 204 حملة إقليمية بجمع الأموال على هذه المنصّة من أصل 255 تمّ تحليلها.
- هذه الحملات الـ204، انطلقت من 15 دولةً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد نجحت 98% منها بشكلٍ كامل (جمعَت المبلغ المستهدَف)، أو جزئيّ (تمكّنَت من جمع أموالٍ يقلّ مجموعها عن المبلغ المستهدَف باستخدام نموذجٍ مرن، ما يتيح لمطلِقي الحملات استلام هذه المبالغ).
- تمّ جمع 1,033,054 دولاراً أميركياً من أصل مبلغٍ إجماليٍّ مستهدَف بلغ 5,407,125 دولاراً أميركياً.
- استأثرَت فلسطين بأكبر عددٍ من الحملات، 68 حملةً. ويردّ أبو شعبان ذلك جزئياً إلى الحاجة المتزايدة إلى التمويل الجماعيّ الناتجة عن الظروف الاقتصادية والسياسية القاسية في البلاد، كما وإلى العدد الكبير من المشاريع الناشطة التي شهدتها فلسطين، وخصوصاً في الضفة الغربية. (يمكن الاطّلاع على تفصيل حملات "إندي جوجو" الناجحة بحسب البلد من الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا في الصورة على اليسار).
- كان فئة المجتمع هي الأكثر شعبيةً بـ43 حملةً (تمّ جمع 260,400 دولارٍ أميركيٍّ فيها)، تلَتْها فئة الأفلام بـ35 حملةً (180,400 دولارٍ أميركيٍّ) والتعليم بـ30 حملةً (140,600 دولارٍ أميركي). أمّا فئة التكنولوجيا، فقد حلّت في المرتبة الثانية عشرة بـ4 حملات، وكانت الفئة الرابعة بين الفئات التي حقّقَت أعلى ربح صافٍ بـ69,300 دولارٍ أميركي.
مقارنة الشرق الأوسط مع العينة العالمية من حملات "إندي جوجو"
تمّ جمع البيانات من تسع دولٍ متقدّمةٍ ونامية، ما شكّل عيّنةً عالميةً بعد تناول بلدَين من كلٍّ من المناطق التالية: أميركا الشمالية، أميركا اللاتينية، أوروبا، شرق وجنوب آسيا، وأستراليا.
- تجاوزَت كلٌّ من الولايات المتحدة وألمانيا على حدة، في حملةٍ واحدة، المبلغَ الإجماليّ الذي جمعَته عيّنة الشرق الأوسط.
- تجاوَز كلّ من كندا (4 حملات) والمملكة المتّحدة (4 حملات) وأستراليا (12 حملةً) والهند (39 حملةً) المبلغَ الإجماليّ الذي جمعَته عيّنة الشرق الأوسط.
- فشلَ كلٌّ من البرازيل والصين والمكسيك في تجاوز المبلغ الإجماليّ الذي جمعَته عيّنة الشرق الأوسط.
- بالنسبة إلى البلدان المتقدمة، كانَت التكنولوجيا الفئة الأكثر شعبية ًبـ7 حملات (1.5 مليون دولار أميركي)، في حين كانت فئة الأفلام الفئة التي حقّقَت أعلى ربحٍ صافٍ بـ2.3 مليون دولار.
- بالنسبة إلى البلدان النامية، كانَت فئة الأفلام هي الفئة التي شهدَت تقديم أكبر عددٍ من الحملات بـ80 حملةً (384،000 دولار أميركي)، وكانَت التكنولوجيا الفئة التي حقّقَت أعلى ربحٍ صافٍ بمليونَي دولار.
- لا تقدّم "ذومال" سوى نموذج تمويلٍ ثابت (إمّا يأخذ مُطلِق الحملة المبلغ كاملاً أو لا يأخذ شيئاً). ومن بين 37 حملةً خضعَت للتحليل، نجحَت 21 حملةً وفشلت 16 واحدة منها، أي ما يعادل نسبة نجاح 56٪ (أنظر إلى الرسم البياني يساراً).
- جمعَت الحملات الناجحة من منطقة الشرق الأوسط 245,894 دولاراً أميركياً.
- أتَت معظم الحملات من لبنان (17 حملةً)، كما استأثر البلد بأعلى معدّلٍ من المموِّلين للمشروع الواحد (88 ممولاً)، وأعلى مبلغٍ تمّ جمعه (175,631 دولاراً أميركياً).
- كانَت الإمارات العربية المتّحدة البلدَ الذي حصل على ثاني أعلى مبلغٍ تمّ جمعه بـ22,726 دولاراً أميركياً، تلَتْها المغرب بـ 20,655 دولاراً.
"يوريكا"
شهدَت منصّة الاستثمار الجماعيّ التي تستخدم نموذج التمويل الثابت سبعَ حملاتٍ ناجحةٍ من بلدَين، وقد جمعَت كلّها 858,476 دولاراً أميركياً، متخطّيةً الهدف الإجمالي البالغ 672,900 دولاراً بمقدار 185,576 دولاراً. (لا يوفّر الموقع معلوماتٍ عن الحملات التي لم تنجح.)
- شهدَت الإمارات العربية المتّحدة 4 حملاتٍ ناجحةٍ جمعَت 456,233 دولاراً، في حين شهدت الأردن ثلاث حملاتٍ جمعَت 402,243 دولاراً.
- اجتذبَت الحملات الناجحة السبعة ما معدّله 30 مستثمراً لكلٍّ منها، وكانَت كلّها من فئة التكنولوجيا.
الاستنتاجات
- أظهر عددٌ من البلدان في المنطقة، بما في ذلك فلسطين ولبنان والإمارات العربية المتّحدة والأردن ومصر والمغرب، إمكاناتٍ كبيرةً لجمع الأموال على منصّات التمويل الجماعيّ، ما قد يؤدّي إلى تطويرٍ في المشاريع المحلّية والشركات، على الرغم من الأوضاع السياسية والاقتصادية التي لا تساعد كثيراً في العديد من هذه الأماكن.
- تمّ جمع أكثر من مليونَي دولارٍ في المنطقة عبر منصّات التمويل الجماعيّ الثلاث، على مدى السنوات الأربع قيد التحليل.
- تميل الحملات في منطقة الشرق الأوسط إلى التركيز على الضروريات مثل فئات المجتمع والتعليم والصحة، لكنّ نتائج الدراسة تشير إلى أنّ فئات التكنولوجيا والتصميم والأفلام تتمتع بإمكانياتٍ عاليةٍ في المنطقة.
- لم يكن من صِلةٍ واضحةٍ بين عدد أعضاء فريق الحملة والمبلغ الذي تمّ جمعه. ولكن، مع ذلك، برزَت علاقةٌ مباشرةٌ بين عدد المموِّلين والمبلغ الذي تم جمعه، فالحملات التي اجتذبت عدداً أكبر من المموِّلين جمعَت عادةً المزيد من الأموال.