في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وقلة الوظائف في قطاع غزة، اتخذ مؤسّسا شركة "بسكليت" Baskalet محمد المدهون وأُسَيد ماضي قفزةً في عالم المخاطر ليعملا فيما يحبان: تطوير الألعاب.
انطلقت "بسكليت" في عام 2015، وتعثرت عدة مرات قبل أن تصبح واحدة من أبرز استوديوهات تصميم الألعاب في غزة. لكنّها نجحت في الحصول على استثمارٍ مبدئي من "الشركة العربية الفلسطينية للاستثمار" APIC في عام 2016، كما وأنتجت بضعة ألعاب للهواتف الذكية تم تنزيلها مجتمعة أكثر من 650 ألف مرة.
وبينما تستعد الشركة لإطلاق أحدث أعمالها بعنوان، "بطل التقسيم" Partition Hero في منتصف تشرين الأوّل/أكتوبر، يسعى المؤسسان إلى تجاوز عتبة المليون تنزيلٍ للعلبة بحلول نهاية العام.من الوظيفة إلى ريادة الأعمال
درس المدهون التصميم في الجامعة، ثمّ عمل في تصميم الرسوم المتحركة وشركات تكنولوجيا محلية وإقليمية. وسرعان ما ظهر حسّه الريادي في عام 2012 بانضمامه إلى حاضنة الأعمال "مبادرون" Mobaderoon. كان مشروعه آنذاك يحمل اسم "فريم" Frame، وهو منصة لتصميم تطبيقات تفاعلية للتعليم والألعاب.
في عام 2015 وبالشراكة مع زميله ماضي، انضم المدهون إلى برنامج دعم الأعمال في مسرعة الأعمال "غزة سكاي جيكس" Gaza Sky Geeks التي تساعد الشركات الناشئة الواعدة على النمو والحصول على الاستثمار.
وبالاستعانة بمهاراتهما التقنية والتجارية، أطلق الثنائي شركتهما الريادية لتصميم وتسويق الألعاب التي ترقى لتطلعات جمهور المنطقة العربية.
"بدأت الفكرة مع سعينا لتقديم عناوين جديرة بنيل رضا وقبول اللاعبين العرب،
وفي نفس الوقت إنشاء مصدر للدخل بالنسبة لنا"، بحسب المدهون. ولكن في
الوقت الذي أبصرت به لعبتهما الأولى النور، تغير توجّه المؤسسين.
المضي قدما خطوة بخطوة
يقول المدهون إنّ الأمر استغرقهما بعض الوقت لتعلم المهارات اللازمة لتشغيل الجانب التجاري من الشركة، على الرغم
من لقاء مجموعةٍ متنوعةٍ من المستثمرين والمدربين الدوليين. "ولقد وجدنا
أنه لا يوجد نصيحة ذهبية، لذلك كان التعلم ذاتياً عبر الإنترنت بالنسبة
لنا، وأتى ذلك المجهود بثماره".
أول منتج لـ"بسكليت" كان لعبة للرعاية الصحية صمّمتها الشركة خصيصاً لزبونٍ
إقليمي، ما وفر مردوداً مالياً للمؤسسين ساهم في إبقاء الشركة على قيد
الحياة. وقتها بدأت نظرة الشركة تتجه لإنتاج المزيد من الألعاب الموجهة نحو
اللاعبين العرب مباشرة عبر متجر "جوجل" Google Play و"أبل" iOS.
في أواخر عام 2015، أصدرت الشركة لعبة "سيارتنا" Sayyaritna للجمهور، وهي لعبة تقوم على اختبارٍ للقيادة ثلاثي الأبعاد بحيث يتجنب اللاعب العقبات على الطريق ويحاول جمع القطع النقدية. تم تطوير اللعبة باستخدام محرك "يونيتي - 3 دي" Unity-3D وحصلت على أكثر من 5 آلاف تنزيل على الهواتف الذكية بنظامي "أندرويد" و"أبل".
من بعدها، أصدرت الشركة لعبة بعنوان "السبيدر" Alspider (العنكبوت) استهدفت السوق المصرية، وقد تم تنزيلها 10 آلاف مرة - وهو ما كان دون توقعات وآمال المؤسسين الذين قاموا بإيقاف المشروع بعد الإصدار الرابع.
"إن إيقاف المشاريع التي نعمل عليها أمرٌ صعب ولكنه مهم، وهي مهارة يفتقر إليها رواد أعمال كثيرون"، حسبما يذكر أسَيد،مضيفاً أنّ "هذا القرار مهمّ بعدما تبدأ في تصميم منتجك وتجد أنك تستطيع أن تفعل أفضل من ذلك".
بعد ذلك، حاول الفريق شيئا أكثر بساطة، وهو تصميم لعبة بشكل سريعٍ وعفوي تحت عنوان "تحديات رمضان" لمساعدة اللاعبين على اكتساب معلومات وقضاء الوقت خلال الصيام في شهر رمضان. كان الهدف منها الحصول على حوالي 50 ألف تنزيل، فحققت هذه اللعبة منذ إطلاقها أداءً يفوق التوقعات لدرجة أنه تم تنزيلها 100 ألف مرة في اليوم الأول، ليصل الإجمالي إلى 650 ألف تنزيل في وقت النشر.
النجاح يعتمد على الناس
مكتب "بسكليت" في مسرعة الأعمال "سكاي جيكس" عبارة عن غرفة صغيرة يعمل فيها ستة مطورين ومصمّمَين اثنَين. وأعضاء الفريق هؤلاء يشاركون المؤسسين طموحاتهم، مثل المطور متخصص مصطفى بلاطة، الذي ترك وظيفته الثابتة للانضمام إلى الشركة الريادية.
يعتبر المدهون أن تطوير الألعاب ليس تخصصاً يمكن أن يدَرّس في جامعات أو كليات غزة، لذلك يلتزم الفريق بالتعلّم الذاتي وتنمية المهارات. ومن أجل فهمٍ أفضل للسياق والجمهور المحلي وكيفية تصميم لعبة مناسبة لذوقه، طلب الفريق نصائح فريقٍ من المستشارين في السعودية وغيرها من الأسواق المستهدفة.
وبالتالي، كانت مهارات الفريق واحدة من أهم الأسباب التي دفعت "أيبك" للاستثمار في "بسكليت".
التطلع إلى المستقبل: تجاوز المليون تنزيل؟
رغم
أنّ فترة احتضان "بسكليت" انتهت، إلا أنّ المسرعة سمحت للفريق بالبقاء حتى
يجد مكاناً جديداً. في غضون ذلك، تتطلع "بسكليت" بإنتاجها القادم إلى
تعزيز اسمها في السوق واستدراج المزيد من الاستثمارات.
ومن المخطّط أن تكون لعبة "بطل التقسيم" القادمة إجتماعية تفاعلية، تستهدف
السوق السعودية. ففي اللعبة، يساعد اللاعب زوار مطعم للأكل بسلام دون أن
تلمحهم عيون الغرباء الذين يجلسون على طاولات أخرى - وهو المفهوم الذي
يعتقد أنه يتناسب مع ثقافة ورغبات السوق هناك.