ستّ عقبات تواجهها الشركات الناشئة الفلسطينية‎

رأفت أبوشعبان

- المقالات والاضاءات #  O 3.1 ألف مشاهدة   Read in English

إطلاق الشركات الناشئة في فلسطين ليس مهمّة سهلة، فبالإضافة إلى أنّ أكثر من 90% من الشركات الناشئة حول العالم تفشل لأسباب متعددة ليس أقلّها النقص في التمويل، يواجه الفلسطينيون حواجز إضافية لأنّ فلسطين ترزح تحت الاحتلال الإسرائيلي ولا تسيطر بالكامل على البنية التحتية للسوق والاقتصاد.

فيما يلي ستة عقبات تواجه رواد الأعمال الفلسطينيين، وتأثيرها على نماذج أعمال الشركات الناشئة.

التعاملات المالية

بيسان أبو جودة مؤسّسة "ابنِ فلسطين" BuildPalestine التي تتخذ من رام الله مقراً لها، وهي منصّة تمويل جماعي لمشاريع الأثر الاجتماعي، تقول إنّ إحدى العقبات التي تواجهها شركتها الناشئة (وغيرها من الشركات) هي الصعوبة في إجراء التعاملات والتحويلات المالية. وتضيف أنّ "هناك إشكاليات وعوائق عديدة ترتبط بأي معاملة مالية [للشركات الناشئة]".

Buildpal.jpg
تهدف "ابنِ فلسطين"  إلى إحداث ثورة في مشاريع الأثر الاجتماعي عن طريق التمويل الجماعي. (الصورة من موقع "ابنِ فلسطين")

بطبيعة الحال، تعتبر التعاملات المالية الإلكترونية ذات أهمية خاصّة لمنصّة تمويل جماعي، وقد دفع الواقع الصعب فريق "ابنِ فلسطين" للبحث عن حلول بديلة لتخطي هذه المشكلة.

في غضون ذلك، فإنّ شركة "باي بال" Paypal العالمية للحوالات الإلكترونية لا تسمح لحسابات فلسطينية بإستخدام منصتها. وقد حاول مجتمع ريادة الأعمال الفلسطيني الخروج من مأزق الحوالات المالية في العام الماضي عبر إطلاق مبادرة حظيت بدعمٍ شعبي للضغط على الشركة لتفعيل هذه الخدمة في فلسطين، غير أنّ الشركة العالمية رفضت اتخاذ أيّ خطوة وأبقت على سياستها الإقصائية.

السيولة المالية

يشير أحمد (اسم مستعار)، وهو مالك شركة ريادية تكنولوجية في فلسطين، إلى إنّ شركته الناشئة شهدت نمواً جيداً خلال السنوات القليلة الأولى، إلّا أنّها بدأت تفقد جزءاً كبيراً من رأسمالها كنتيجةٍ مباشرة لعدم تأمين السيولة اللازمة لعملياتها.

ويضيف في حديثه مع "ومضة": "لدينا عملاء تجاريون مشهورون لم يتمكّنوا للأسف من الالتزام بدفع رسوم الخدمات التي قدمناها لهم في الوقت المحدد، ما سبّب لنا الكثير من المشاكل بسبب نقص السيولة المالية".

اضطرّ أحمد بسبب الخسائر المالية إلى إغلاق شركته الناشئة مؤقتاً. ومنذ ذلك الحين قرّر إعادة تصميم نموذج أعماله لكي يجعل الدفع المسبق شرطاً يجنّبه الوقوع في المشكلة نفسها في المستقبل.

الاستثمار

"فسحة" Fosha هي شبكة للتسويق الاجتماعي وشركة ناشئة تختصّ بالتسويق عبر الإنترنت والتسويق التقليدي في قطاع غزة، بالإضافة إلى توفير الخدمات الثقافية وبيع الهدايا.

يقول الشريك المؤسّس، مهند النونو، لـ"ومضة"، إنّ نجاح شركته جلب معه تحدياً جديداً. ويشرح أنّ "أعمالنا المتنامية والمشاريع الجديدة تحتاج إلى رؤوس أموال أكبر حتّى نتمكّن من النموّ طبيعياً، ولكن من الصعب جداً تأمين مثل هذا الاستثمار في غزة هذه الأيام".

هذه الندرة في الشركات الاستثمارية تعني أنّ الكثير من رواد الأعمال، سواء كانوا ذوي خبرة أو مبتدئين، يواجهون العقبة نفسها في قطاع غزة بشكل خاص، وفي فلسطين بشكل عام.

تجدر الإشارة إلى أنّ فلسطين تضمّ شركات استثمارية عدّة تستثمر في الشركات الناشئة، غير أنّ مدى تأثيرها وانتشارها محدود ولا يمكن أن يلبّي احتياجات الشركات الناشئة الفلسطينية التي تنمو بسرعة.

وفي هذا الوقت، تستمرّ "فسحة" وغيرها من الشركات الناشئة بالبحث عن مستثمرين.

نمو البيئة الحاضنة لريادة الأعمال

يقول صلاح عملة، مدير "حاضنة بيت لحم للأعمال" BBI التي تقدم خدمات احتضان ودعم وتدريب للمشاريع الريادية، إنّ إحدى العوائق الرئيسية التي تواجهها الشركات العشرة المحتضنة لديهم هي البنية التحتية الهشة.

فالبيئة الريادية في فلسطين لا تزال بحاجة إلى النمو ثقافياً وتقنياً ومالياً، ولا بدّ من وجود بنية تحتية تكنولوجية أكثر قوة ونظام مالي ملائم وصديق للاستثمار لدعم عمليات الشركات الناشئة، وفقاً لعملة. أمّا على المستوى الثقافي، فيشدّد الرياديّ على أهمية زيادة الوعي بريادة الأعمال ومتطلباتها.

18193353_670905946448548_2731381536391142180_o.jpg
اجتماع في "حاضنة الأعمال بيت لحم" مع شركاء مجتمع ريادة الأعمال في فلسطين (الصورة من "حاضنة الأعمال ببيت لحم")

يقول عملة إنّ "البيئة الريادية في فلسطين لا تزال في مراحلها الأولى، وهي ليست ناضجة تماماً ودونها تحدّيات مثل قلة التدريب وقلة الخبرة لدى العديد من رواد الأعمال الجدد". ولكنّ هذا لا يعني أنّ رواد الأعمال يفتقرون إلى المواهب أو الحوافز، بل ما يحتاجون إليه هو المهارات التجارية المتخصّصة، بحسب عملة. وهذا ما تساعدهم فيه "حاضنة أعمال بيت لحم" مع مرشديها ومدربيها، إلى جانب حاضنات الأعمال الأخرى في فلسطين.

مهارات ريادة الأعمال"مناسبات" Munasabat هي شركة ناشئة في غزة تمكّن الفلسطينيين في الشتات والمهجر من إرسال الهدايا (مثل الشوكولاته والزهور والقرطاسية والمواد الاستهلاكية الأخرى) إلى أسرهم في فلسطين.تكشف المؤسِّسة دينا أبو شعبان أنّ إحدى التحدّيات الرئيسية التي تواجهها "مناسبات" هي اكتساب المعرفة المتخصّصة. وتشدّد على أنّ فريقها الذي يسعى إلى النموّ في ظلّ خبرته المحدودة والجديدة نسبياً، ينبغي عليه معرفة التفاصيل المالية، والتخطيط الاستراتيجي، والإدارة، والمهارات التي يمكن أن تطوّر عمل الشركة؛ وهو ما تفعله أبو شعبان مع فريقها من خلال التدريب والتطوير الذاتي.

ملاءمة السوق

يرى كلّ من أبو جودة وعملة أنّ الشركات الناشئة في فلسطين تواجه حواجز متعلقة بسوق الأعمال بشكل عام، وأكثرها وضوحاً صغر حجم السوق نسبياً ومحدودية القوة الشرائية.

ومن العقبات الأخرى التي يتعين التغلب عليها، ضعف البنية التحتية التقنية. على سبيل المثال، لا تتوافر خدمة إنترنت الجيل الثالث 3G في الضفة الغربية بعد، وهي لا تزال قيد التنفيذ. وفي الوقت نفسه، يمنع الاحتلال الإسرائيلي هذه الخدمة عن غزة رغم ادعائه بأنّه لم يعد يحتل القطاع.


نُشر المقال الأصلي في شبكة ومضة في 27 يوليو 2017

رأفت أبوشعبان


مؤسس ريابل واستشاري لعدة منظمات دولية في مجال ريادة الأعمال وباحث في أنظمة الابتكار وطرق التمويل البذري مع أكثر من 10 سنوات من الخبرة العملية في المنطقة العربية وأوروبا واميركا وكوريا الجنوبية
Facebook Profile Linkedin Profile Follow on Twitter